بقلم / د. علي باوزير "انهيار العملة اليمنية الأسباب والعلاج"
المحاسب القانوني :
د. علي بن ديراني باوزير :
من المعروف أن سعر الشيء يزداد كلما زاد الطلب عليه وتكون الزيادة كبيرة كلما كان الطلب في ازدياد والمعروض منه للبيع قليل أو نادر
والعملات الأجنبية من دولار وريال سعودي ينطبق عليها نفس القاعدة على الرغم من أن الفقهاء يرفضون اعتبار النقد سلعة بل ويحرمون ذلك ولكن لا تأثير لتلك الرؤية على تداولها أو أساس تسعيرها في السوق اليمني خصوصا في ظل الأوضاع الحالية واتباع سياسة التعويم لذلك فإن أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني في ارتفاع شبه دائم وانعكس ذلك على أسعار بقية السلع ولكي نفهم الأسباب الحقيقية وراءها سنقوم بعرض مصادر العرض للعملات الأجنبية ومصادر الطلب ثم سنخضعها للقاعدة التي عرضت سابقا في بداية الحديث.
اولًا:مصادر العرض للعملات الأجنبية:
إن مصادر توفر العملات الأجنبية بالسوق اليمني هي الصادرات من السلع إلى الأسواق العالمية وكان مستواها قبل اندلاع الحرب في 2015م أكبر من مستواها الآن حيث كانت اليمن تقوم بتصدير النفط والغاز وبشكل منتظم بالإضافة إلى تحويلات المغتربين وتصدير سلع المنتجات الزراعية و السمكية وجميع ذلك يوفر عملة أجنبية للدولة كانت توازن احتياجات السوق منها.
بعد اندلاع الحرب في 2015م توقفت الصادرات النفطية وما يصدر منها فهو قليل جدا وفي فترات متباعدة ولا تورد عائداته إلى البنك المركزي أما الصادرات من السلع الأخرى فقد انخفض مستواها بشكل كبير بسبب توقف الموانئ والمطارات وما يصدر يتم عبر دول الجوار مما ساهم في تحمل نفقات إضافية على الصادرات أدى إلى زيادة تكاليفها ومن ثم ارتفاع قيمتها في السوق الخارجية مما انعكس على الطلب عليها
أما التحويلات من المغتربين فقد انخفضت هي الأخرى وذلك بسبب عودة الكثير منهم بسبب تغيير أنظمة العمل والإقامة في دول الاغتراب وتشديد الرقابة على التحويلات وارتفاع تكلفتها.
ثانياً: مصادر الطلب على العملات الأجنبية:
تتمثل مصادر الطلب على العملات الأجنبية في أي مجتمع في توفير قيمة السلع المستوردة من الخارج وهو ما كان بالمجتمع اليمني قبل حرب 2015م إلا أن ذلك تغير بعدها وأصبحت بالإضافة إلى توفير قيمة السلع المستوردة يضاف إليها التزامات أخرى نحددها بالآتي:
1- توفير قيمة السلع المحلية وربما يتسائل القارىء عن ذلك فنقول له إن الانقسام في الحكم بين صنعاء وعدن أدى إلى ظهور حاجة إلى العملات الأجنبية عند تبادل السلع بين هاتين المنطقتين فكما هو معلوم أن مناطق سيطرة حكومة عدن تعتمد بشكل كبير على المنتجات الزراعية والقات من مناطق سيطرة حكومة صنعاء وسلطات الأخيرة لا تعترف بالعملة المحلية المطبوعة من قبل سلطات عدن وبالتالي فسداد قيمة السلع تتم بالعملة الأجنبية وحتى التحويلات التي تتم بالريال اليمني فإن تسويتها بين منفذي الحوالة بين المنطقتين تتم بالعملات الأجنبية ولكون حجم السلع الداخلة إلى مناطق حكومة عدن من مناطق حكومة صنعاء أكبر من السلع الخارجة منها إلى مناطق حكومة صنعاء فإن الشركات المحولة من مناطق حكومة عدن تكون مدينة للشركات المسلمة للحوالات بمناطق حكومة صنعاء وبالتالي تقوم شركات الصرافة بمناطق حكومة عدن بشراء العملات الأجنبية لتسديد أرصدتها المدينة لدى شركات الصرافة بمناطق حكومة صنعاء مما يساهم في ارتفاع أسعار صرف العملات بمناطق حكومة عدن.
2- سداد التزامات الحكومة لفريق عملها بالخارج والمتمثل في السلك الدبلوماسي والذي عادة يتكون من السفارات والعاملين بها ولكن السلطات الشرعية تعمل بفريق حكومي متكامل في الخارج من رئاسة ووزراء ومجالس نيابية واستشارية وحتى مجالس محلية وأحزاب وجميع ذلك يتطلب توفير عملة أجنبية لذلك تقوم هذه السلطات بتوريد قيمة الصادرات النفطية التي تنفذها إلى حسابات بنكية بالخارج وتشتري العملات الأجنبية في السوق المحلية من خلال المطبوع من النقد المحلي بدون غطاء.
3- تقدم قوات صنعاء وسيطرتها على مناطق جديدة كمحافظة البيضاء وبيحان بشبوة والعبدية بمأرب والتي تقوم بعد السيطرة بمنح التجار والمواطنين فرصة تبديل ما لديهم من عملات أجنبية بالريال اليمني القديم مما يضطرهم إلى تبديل ما لديهم من ريال جديد بعملة أجنبية في مناطق حكومة عدن وهذا خلق هلع لدى التجار في بقية مناطق حكومة عدن مما زاد الاقبال على شراء العملات الأجنبية.
4- حجم الفساد الكبير في مناطق الشرعية ومحاولة اتباع أساليب غسل هذه الأموال الفاسدة من خلال شراء العملات والعقارات.
5- استمرار طباعة العملة المحلية دون توافر غطاء لها ولجئت إليها الحكومة للوفاء بالتزاماتها من مرتبات ونفقات .
6- عجز شركة النفط عن توفير الاحتياجات المحلية من المحروقات واعتمادها على شركات القطاع الخاص والتي في الأغلب تمارس أعمال الصرافة مما حدى بها إلى الشراء للعملات الأجنبية مما زاد الطلب عليها وارتفاع قيمتها.
كل تلك الأسباب تؤدي إلى زيادة الطلب على العملات الأجنبية وانخفاض المعروض منها وبشكل مستمر مما أدى إلى استمرار انخفاض قيمة الريال اليمني في مناطق الشرعية.
*ولإيجاد حلول لذلك نقترح الآتي:*
1- تشغيل جميع الحقول النفطية وتوريد قيمة الصادرات من السلع النفطية والمنتجات إلى البنك المركزي.
2- عودة الفريق الحكومي بكامله إلى الأراضي اليمنية وصرف مستحقاتهم بالريال اليمني وفقا لهيكل الأجور.
3- وقف طباعة العملة بدون غطاء.
4- الحسم العسكري للمعركة لصالح أي من الطرفين سيوحد أسعار الصرف في جميع المناطق مما سيؤدي إلى تخفيض الطلب على العملات الأجنبية.
5- محاربة الفساد المالي والإداري بشكل جاد وعبر بناء منظومة متكاملة لها.
6- العمل على إقناع دول الاغتراب بمنح المغترب اليمني استثناءات في أنظمتها والعودة إلى تطبيق أنظمة سابقة حققت للمغترب اليمني جملة من الاستثناءات في الإقامة والتملك والتحويل.