مشهد سقطرى
يوتيوب
wb_sunny

الرئيسية

أغنية الأم السقطرية الخالدة. (تنتانه - لالليو)

أغنية الأم السقطرية الخالدة. (تنتانه - لالليو)


 د. سالم غانم بن غانم:
لا زلت أتذكر هذا الموقف تماماً ، كنت طفلاً صغيراً دو عشر سنوات قالت لي أمي " توعد تنتن لاحاك بدرفين وهو اطوهر  أسود فڜو وجادحك " هرعت إلى الغرفة وجدته دهي بمزناجه يقلاعيدن وصراخه يصم الآذان ، حاولت اهدهده دهي بمزانجه ليستكن  وينام لكنه ابئ وزادت حدت صراخه ، ردت أغنية أمي " لالليو"  كما تفعل عندما تهدهده : ويا لليلو ويا لليلو ...هااا.. ها.. هااا..ها دون فائدة ، حاولت اخدعه واخذت من" مدرف" رائحة امي عطرها المفضل "جنة النعيم " ولكن كل محاولاتي  في خلق مكان أمي الغائبة بأت بالفشل . 

وصلت جنتي أمي دخلت  : 
- يا الله عك .. يا الله عك بيو ، فتحت المهد وتنظر في عينيه  وهي ماسحة دموعه :
-  لاعك بيو .. لاعك بيو.. ثم تربعت ومسكت المهد بيديها الحانيتين وبدأت تهدهده "  تتنن عي" ، ثم لالات أمي لالليو يقشعر منها الأبدان وتصغى لها الأذان بينما انا كنت متكئا في إحدى زوايا الغرفة اراقب وزغة تطارد " سحرهين" فراشة الليل العالقة  بإحدى 'مرابع" خشبة السقف . مستمتعاً بلالليوة  أمي الشجية الرقيقة وهي تحاور بالغناء صغيرها . 
دخلت أمي بطقوس روحانية غريبة حتى ضننتُ إنها تحاور بالغناء ربها وتحكي له قصة حياتها الحلوة والمرّة . من قوة الطاقة الإيجابية المنبعثة في الغرفة لاحظت "رُحو" الوزغة ، مُستكنّة في مكانها  ومُستمتعة بغناء أمي الشجي ، تلك التي كانت قبل قليل تطارد فراشة الليل لتقتلها . 

النغم والإيقاع  شجي جداً ويهز المشاعر خاصةً عندما تنتقل أمي من بيت شعر إلى الاخرى،  ثم تتبعها بهذه القفلات الحزينة هااا...ها . وما أن أخي الصغير يستكن ويدخل في سبات عميق ، تبدأ أمي  بخفض صوتها وتعزف غنائها  بتصفيرة حزينة تشبه ناي حزين . استطاعت أمي بصوتها العذب  ترويض أخي "بو جمول" الذي قبل لحظات ملئ الدنيا ضجيجاً. 

وفجئةً وانا في سبات عميق إلا وأمي : 
- يا الله تعڜى .. فڜو !

- قمت منتعشاً ، وتركنا أخي بو جمول دهي بمزناجة يعيش مع أحلامه الوردية .

 ونحن خارجين لاحظت أمي فراشة الليل عالقة في عتبة الباب ،  اخدتها واحتضنتها بين يديها بكل حنان  كما لو كان أحد أبنائها ووضعتها في "  الصحّارة" لتطلقها للحياة في الليل. 

افتقدنا هذه الأغاني الجميلة هذه الأيام ولم نعد نسمع اي شئ غير صمت المقابر. كانت بيوتنا عامرة بهذا الفن الشجي الجميل، بل كنا نولد واجسادنا مغمورة بالغناء. كانت الأم السقطرية "تلالا" تغني لكل شيء في الحياة : للأشجار ، للأرض ، للطبيعة وتجدها تغني وهي تشتغل و تحلب وتطعم اغنامها.

تصنيفات

المتابعة عبر البريد

اشترك في القائمة البريدية الخاصة بنا للتوصل بكل الاخبار الحصرية