مقال ل" أحمد الرميلي"ملحمة راقية
راقية السمحية ترتقي إلى الله.
قبل أيام حدث أن سقط دولاب على جسم راقية النحيل ذي الثمانية حجج في جزيرة سمحة إحدى جزر الأرخبيل.
كانت راقية تتألم وتتلوى، لم يتحمل جسمها الصغير قوة الألم، كانت تنظر إلى من حولها وعيناها تترورقان بالدمع ، ولسان حالها:
اسعفوني للعلاج...
خذوني إلى المستشفى...
لا أريد أن أموت...
أريد أن أواصل اللعب مع إخواني... نجري، نسبح في البحر، نصعد جبلا وننزل آخر... نتصارع... نتقاذف بالحجارة...
كان والداها ينظران إليها وهما يبكيان، لا حول لهم ولا قوة..
لا مستشفى هنا..
لا علاج...
لا دكتور...
لا أمل لتسفيرها خارج الجزيرة ، البحر مغلق بسبب الرياح العاتية التي تهب إلى نهاية شهر سبتمبر...
لا أمل للحصول على مساعدة يا صغيرتي، لا سلطة ، لا ضمير حي ، لا أخلاق...
لا حقوق الطفل والإنسان تستطيع أن تفعل لكي شيئا...
لا أمل يا راقية... لا أمل.
ينخفض صوت راقية شيئا فشيئا حد الانقطاع، تغمض عينيها ، يجف دمعها ، تذبل أطرافها ، يمتقع لونها، يبرد جسمها، يتوقف كل شيء.. نعم، لقد ماتت راقية، ارتقى روحها الطاهر إلى مولاها، لتلقي مع كل من ولاه الله أمرها من أكبر مسؤول إلى أصغرهم على صعيد واحد، أمام الملك الديان ، لتقول له: رب أخرج حقي من هؤلاء.
ما أصعب أن ينظر الإنسان إلى فلذة كبده وهي تموت ببطء أمام عينيه، وليس بمقدوره أن يقدم لها أدنى مساعدة غير الدموع، يا لها من لحظات صعبة.
يحصل هذا ونحن في القرن الواحد والعشرين ، ولعلكم تدركون ما معنى أن نكون في القرن الواحد والعشرين ؟
يحصل هذا وأغنى دولتين في العالم تتبجحان أنهما تقدمان كل ما يمكن تقديمه للشعب السقطري، ومؤسساتهما الإنسانية تعمل على أرض الواقع.
صبر الله قلوب أهلنا في سمحة على مصابهم.
ربط الله على قلوب والدي راقية.
الخزي والعار لكل مسؤول سقطري يهمه أمر راقية.
الذل والهوان للشقيقتين الصغرى والكبرى.
ملاحظة:
أنتظر تقديم استقالة لكل مسؤول سقطري يعنيه أمر راقية.
أحمد الرميلي السقطري
٢٦ يونيو ٢٠٢٢م